فن صناعة الديكتاتور فن قديم، له مريدون ومحترفون، الديكتاتور لا يصنعه أهل السياسة فقط ولا أعضاء البرلمانات فحسب، بل قبل هؤلاء يصنعه الشعراء السماسرة، الذين هم بدرجة كتبة مطبلاتية مهرجين، يدبجون قصائد المدح وأغانى النفاق فينتفخ الديكتاتور ويصدق أنه بالفعل نصف إله!

فى عدد مجلة «الغاوون» الثقافية الماضى تم تجميع بعض الأبيات الشعرية التى كتبت فى مدح حافظ الأسد وابنه بشار الأسد، قراءة هذه الأبيات ستجيبك عن سؤال مهم ومحير: هل بشار الأسد وأى ديكتاتور مثله يصدق أنه بالفعل ينقذ شعبه؟، لماذا لا يستمع بشار إلى أصوات المطالبين بالحرية، وإلى انتقادات المطالبين بالعدل والعزل لفخامته؟!!، للأسف إنه يصدق أنه الرئيس المنقذ الضرورة، ظل الله على الأرض!، من هم الذين لعبوا فى وعيه وأقنعوه بأنه نصف إله؟! فى مقدمة الطابور شعراء القافية الرنانة الذين مدحوا «حافظ وبشار»، وجعلوا الأسد الابن يرى فى أنهار الدماء التى تنزف من شباب وأطفال سوريا المحتجين مجرد كوب كركديه!

فلنقرأ ماذا قال الشعراء وكيف صنعوا الديكتاتور:

«سلاماً أيها الأسدُ/ سلمتُ وتسلمُ البلدُ/ وتسلمُ أمَّةٌ فَخَرت/ بأنك فخرُ من تلدُ». الجواهرى.

«فساحة المجد لم يخطر بها أحد/ إلاكَ إلاكَ والباقون لا أحدُ»!، «من أنتَ؟ البلادُ الشعبُ لا أحد/ إلا ولبَّيكَ! تدعونا فنأتمرُ»! الشاعر حمد كامل الصالح.

«يا حافظاً للبقايا من أصالتنا/ لولا فعلت لكان العرب ما وُجدوا» نجم الدين الصالح.

«يا غائب الجسم عن دنياك يا أسد/ وحاضر الروح نحياها فتُحيينا»! بقلم غدير شعبان، رثاء له.

«أسد العُرْب عدتَ حياً وهذا/ ليس قبراً بل إن هذا مزارُ»! مانع سعيد العتيبة.

«فى جنَّة الخلد يا ابن الشعب والدنا/ وكل ذنب بإذن الله مغتفرُ»!

«تخيَّل الناس أن الدنيا بات بها/ من الحوادث زلزال وطوفانُ/ كأنما الموت لم يجرِ على أحد/ يوماً، ولا سمعت بالموت آذانُ»! عبدالرازق صبح، يصف يوم وفاته.

ماذا أقول وهل يُرثى بقافية/ من ليس يُنصفه شعرٌ ولا نثرُ/ يا ليث يعرب ليت الأبجد الهوَّزْ/ مليار حرف عسى يُجدى بها الشعرُ»! كوثر شاهين الشاعرة، لا تكتفى بـ28 حرفاً وتطالب بمليار حرف! «بشار بايعناك بيعةَ حافظ/ وجميعنا أعطى القرار ويبصمُ/ فامضِ بنا ما شئت حيث تقودنا/ ولأنت أعدلُ مَن يسودُ ويحكمُ»! «لنا البشارُ حافظنا المفدَّى/ إمامُ الحاكمينَ وليثُ غابِ‏»! أسعد يوسف.

«بشار فينا سراجٌ فى توقُّده/ إرادة الخير والنعمى، وننتظرُ/ نجل الضياغم فى دنيا مرابعنا/ فيك التصدِّى ومنك الأصل ينحدرُ»! خالد عواد السالم.

«عشقتُ وجهَكَ يا بشارُ فلسفةً/ والعشقُ كالجمرِ يشكو حرقةَ اللهبِ»!! محسن الجراح وهو يتغزل فى وجه بشار الأسد.

عرفتم لماذا أصبح بشار الأسد ديكتاتوراً؟، الآن عرفت أن بشار معذور!